Home Ads

قصة الشاب الحطاب

 قصة الشاب الحطاب

يحكى يا ولدي .. أنه في قديم الزمان ..كان هنالك حطاب شاب يجوب البقاع حاملا فأسه باحثا عن أرض طيبة يبني عليها بيته .. 
و بينما هو ماضٍ في بحثه اذا به يصادف صبية نجلاء العينين ساذجة المُحيا هي ابنة المزارع التي تزرع في جوانب الطرقات شجيرات الياسمين .. لم يجمعهما حبٌ من أول وهلة .. هي تحدت خوفها معه .. قبله كانت تركض هاربة من كل غريب يقترب منها .. أما هو فحتى فأسه التي تلمع تحت الشمس لم تخف منها ..
أما هو فقد رأى فيها براءة الزهرة التي تنبت وحيدة و مختلفة بين الصخور ..التي لم تلوثها عيون العابرين و لم تداعبها أياديهم .. هكذا قررت ابنة المزارع أن تعطي الحطاب قلبها .. و تعاهدا على أن يغرسه في الارض الطيبة التي يبحث عنها فإن نما و اثمر عاد إليها ليأخذها لبيته الحصين ..
وضعته برفق بين يديه و أخذت منه عهدا أن يحافظ عليه .. أن يتفقده و يرعاه و يسقيه ... أن يحميه من حر الهموم و من برد الوحدة .. و مرارة الحزن .. و ألا يسمح له بالموت فإنه بموته تموت قبل أن تصل إليه .. فما كان منه الا ان اخذه واثقا و انطلق يبحث عن تربة تليق به .. و لم يطل البحث حتى استقر في ارض يراها طيبة .. غرس القلب و سقاه .. و راح يتفقده بين الفينة و الاخرى بادئ الأمر .. 
ثم كلما تقدم الوقت صار يهمله و ينسى .. كانت ابنة المزارع تتسلل كل ليلة لتسترق النظر للحطاب يكدح في تقطيع الاخشاب كي يبدأ بناء البيت الذي ستعيش معه فيه .. كانت تأسف لتعبه و تبكي لبكائه و تضحك لضحكه .. و كلما كانت تسترق النظر تمر على قلبها فتجده نسي أن يسقيه أو اهمل ان ينتزع الحشائش الضارة من حوله فكانت تقوم بالمهمة عليه من فرط تفهمها أن بناء البيت ينهكه .. و أن لديه من الهموم ما يكفيه
و مرت الايام و الاشهر و السنين .. 
و ابنة المزارع على تلك الحال .. تتسلق الجبل و تخدش و تقع و تنزف .. تكسرت اظافرها و امتلات قدماها بالندوب و شحب وجهها من مشقة الوصول إليه .. أما قلبها الذي أزهر بضع سنين بفضل رعايتها الخفية و سقيها له كلما كان ينسى فقد بدأ يذبل و يصفر لأنها ما عادت تستطيع أن تصل إليه .. طوال السنين الأربع .. 
كانت تقابل على سفح الجبل من كان يعرض عليها ان يسقي قلبها بدلها فكان ردها الرادع العنيف ياتي كضربة فأس الحطاب قاطعا و نهائيا .. أرادت يديه .. أرادت أن يسقيه الحطاب .. لكنه تمادى في تجاهل حق القلب عليه .. نسي ان قلبها المحتضر جفافا يحتاج حفنة ماء من يديه .. و أن جسدها وهن من صعود الجبل و نزوله و أنها امتلات بالندوب و الجروح ..
البيت يعلو و قلبها يصفر و يبهت .. البيت يعلو و قلبها يحتضر و يموت .. و حين دق آخر مسمار و انتهى البناء المرير .. انفرجت شفتاه عن بسمة و راح يركض كي يقطف من قلبها زهرة فاذا بيه يجد الأزهار جفت و القلب مات و ابنة المزارع على سفح الجبل جثة هامدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

قصة يونس طالب الامام الشافعي

قصة يونس طالب الامام الشافعي تُحدثنا كتب التاريخ بأن "يونس بن عبد الأعلى" كان أحد طلاب اﻹمام الشافعي.. إختلف مع أستاذه اﻹمام ...

تعليقات

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *